2- التحدي السياسي ( الكفاح اللا عنيف ).
الكفاح اللا عنيف أو التحدي السياسي نشأ كمصطلح يرفض حمل السلاح كما يرفض الخضوع والإذعان والطاعة لنظام حكم ديكتاتوري فاسد ، ويشير مصطلح تحدي إلى تعمد مواجهة السلطة من خلال العصيان وعدم الخنوع ، بمعنى أن يرفض الناس القيام بأشياء مطلوب منهم القيام بها والقيام بأشياء هم ممنوعون من القيام بها .
إذاً ليكن واضحا عند الحديث عن (الكفاح اللا عنيف) أننا لا نتكلم عن المسالمة والموادعة ، وإنما هي (حرب اللاعنف) التي بإمكانها أن تهزم نظاماً ديكتاتورياً متحصناً بقوة البطش والآلة العسكرية ، لاستبداله بنظام العدل والسلام .
ونضال اللاعنف هو أسلوب للتحكم بالصراع بواسطة الاستعانة بأسلحة نفسية واجتماعية واقتصادية وسياسية ، وتشمل ثلاثة أساليب:
1- الأساليب الرمزية للاحتجاج من اعتصامات ومسيرات ورفع أعلام وشارات وإرسال رسائل احتجاج ومنشورات وكتيبات ووسائل اعلام ...
2- عدم التعاون : ويتضمن المقاطعة الاقتصادية والإضرابات عن العمل وعدم التعاون السياسي من إنكار الشرعية ومقاطعة الانتخابات ، إلى العصيان المدني والتمرد...
3- الهجوم اللاعنفي كما تفعل مثلاً منظمات حماية البيئة من تعمد إعاقة تفريغ سفن حمولاتها مضرة للبيئة أو احتلال جماهيري لتلك السفن وإجبارها على معاودة الإبحار ...
ولمزيد من فهم الموضوع ، هناك فارق جوهري بين التحدي السياسي والمعارضة السياسية .
فالمعارضة السياسية هي جزء من النظام ، أما التحدي السياسي فهو رفض ومقاومة للنظام القائم والعمل على استبداله بنظام ديموقراطي ، ووضع كل السبل للحيلولة دون الرجوع لنظام ديكتاتوري .
وبعد كل هذا التوضيح للمعنى المقصود فهذه الدراسة لا تقدم وصفة سحرية سهلة وبسيطة لهزيمة الديكتاتورية .
بل هو عمل شاق يلزمه قيادة جماعية حكيمة ذات رؤية واضحة لا تشمل فقط إزالة نظام ديكتاتوري بل تشمل التأسيس لنظام ديموقراطي والحيلولة دون رجوع الديكتاتورية وفق خطة استراتيجية حكيمة وتنفيذ محكم ، بحيث توفر وسائل فعالة ومتدرجة تجتذب أعداداً متزايدة من الشعب للانخراط فيها سواءً من المعسكر السلبي أو المعسكر المؤيد للعنف .
فالدراسة ترى أن حملات التحدي السياسي الارتجالية في الماضي وقعت في خطأ الاعتماد علي الإضرابات والمظاهرات الجماهيرية ، في حين أن هناك العديد من الأساليب التي تتيح فعالية التحدي السياسي بدون المواجهة المباشرة بين الجماهير وأجهزة بطش السلطة .
والكفاح اللاعنيف يمر بأربع مراحل : التحول - التراجع - الإرغام - التحلل .
مع إدارة عملية التحدي السياسي بنجاح يبدأ جزء من الرصيد الشعبي للديكتاتور في التحول إلى الحياد أو إلى المقاومة ، بعدها تبدأ السلطة في التراجع وتطلب التفاوض أو تقدم تنازلات ، ومع الثبات والتقدم ورفض التفاوض تضطر مرغمة على التنازل ، وصولاً إلى المرحلة الرابعة وهي التحلل والتفكك والانهيار.
فالتحول هو أول مؤشرات نجاح الكفاح اللاعنيف لأنها تضرب السلطة في أكبر مواقع قوتها وهي الشعب المؤيد لها ، ومع مزيد من التخطيط وتنويع الوسائل وتوسيع قاعدة المتحولين تبدأ باقي المراحل.
ولقد تم التركيز في هذا المقال على التعريف بالمعنى المقصود من (الكفاح اللاعنيف) ، لننتقل إلى معرفة لماذا تفضل الدراسة هذا الأسلوب على غيره من الأساليب العنيفة .؟
الحلقة السابقة هــنا
التعليقات
يرجى تسجيل الدخول