صمت مريب يلف العالم الإسلامي لفا

تلف العالم الإسلامي من شرقه إلى غربه حالة من الصمت غير المسبوق لما يجري لإخواننا المسلمين في كثير من بقاع الأرض، من تقتيل وتشريد وتهجير، إلى هدم البيوت، ارتقاء إلى هدم المساجد التي تدعي كل القوانين الأرضية أن الاعتداء عليها يمثل جرما قانونيا يعاقب عليه.

 

ومن قريب وبعيد بدأت أثيوبيا بهدم المساجد الأثرية وغير الأثرية للمسلمين، وفي الصين تهدم المساجد على رؤوس أصحابها، وانتقل هذا البلاء إلى مصر بلد الأزهر بحيث صار الاعتداء على المساجد ذات التاريخ العميق وسائر الآثار الإسلامية جزءا من عمل الحكومات المتعاقبة، بحجج أوهى من بيت العنكبوت من مثل إقامة منشآت حيوية -كما يسمونها- أو لفتح شوارع وممرات، أو بحجة أنها مقامة دون إذن ترخيص، والمطلوب من المسلمين أن ينبشوا قبور موتاهم الذين بنوا هذه المساجد ليأخذوا منهم ورقة الترخيص!.

 

نسمع صرخات المسلمات مع المسلمين في أثيوبيا بلد النجاشي الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم "إنه لا يظلم عنده أحد" تلك الصرخات التي ينادي أصحابها على المسلمين في بقاع الأرض: أن يا مسلمون انصروا إخوانكم، دافعوا عن دينهم، أُحموا مساجدهم، دون أن تسمع أي صدى لهذه الصرخات التي تتقطع من سماعها قلوب المؤمنين، فلا الشعوب المسلمة، ولا حكام المسلمين، يعنيهم شيء خارج حدود الأرض التي يقطنونها، وكذلك ما يجري في الصين وما يجري في مصر، لا تسمع لما يجري فيهما همسا ولا لمسا، ناهيك عما يجري لأهلنا في فلسطين، وما يجري لأهلنا في الشام والعراق والهند وميانمار وغيرها كثير.

 

فيا أيها المسلمون يعتدى على دينكم فلا تتحركون

يعتدى على مساجدكم فلا تتحركون

يعتدى على أرضكم فلا تتحركون

يعتدى على آثاركم الإسلامية التي تمثل تاريخكم فلا تتحركون

يعتدى على قيمكم ومبادئكم فلا تتحركون

يعتدى على إخوانكم الذين سطر الله أخوتهم لكم في القرآن بقوله: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ}، فلا تتحركون

يعتدى على قرآنكم فلا تتحركون

يعتدى على سنة نبيكم فلا تتحركون

يعتدى على أصحاب نبيكم فلا تتحركون

يعتدى على علمائكم فلا تتحركون

يعتدى على كل شيء لكم فلا تتحركون

 

فبماذا أنتم مسلمون، ومتى تحركون، هل تنتظرون من أعدائكم " الذين لا يرقبون فيكم إلا ولا ذمة" أن ينادوكم قائلين: يا مسلمون أفيقوا وانتصروا لدينكم ولكل شيء لكم؟

هل تنتظرون الإذن من أمريكا لتتحركوا وتنفضوا عنكم غبار الذلة والمهانة والقهر؟

هل تنتظرون من بريطانيا التي مزقت شعوبكم وأرضكم، أن تستنهض هممكم وهي من تريد الغاءكم من الوجود الإنساني بشرا؟

أم تنتظرون من فرنسا التي قتلت أهلكم في أفريقيا ونهبت خيراتها أن تناديكم لتستيقظوا

من كان يظن أن المسلم في أي بقعة من الأرض يرى منكرا ويمنعه مانع أن ينكره، كان المسلم في أي بقعة من أرض المسلمين يستطيع أن ينكر المنكر سواء أكان من حاكم أم كان من محكوم لا يجرؤ أحد أن يمنعه ما انضبط بأحكام الشرع، أما اليوم فببركة بريطانيا وسائر دول الكفر التي أحاطت بنا من كل جانب، صار المسلم لا يكاد ينكر المنكر في البلد الذي يعيش فيه، وإذا حاول أن ينكره في بلد آخر يتم الهجوم عليه بأنه يتدخل في شؤون دولة أخرى، فيا للذلة والمهانة التي صرنا إليها!.

 

يا مسلمون لقد وصفنا الله بكتابه بقوله:" ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين" فأعطانا الوصف، وأعطانا الطريق للوصول إلى هذا الوصف، وما لم نسلك طريق الله فلا تنتظروا نصرا ولا عزا ولا علوا، بل انتظروا ذلا ومهانة وتشرذما.

 

وهل يبقى لنا شيء في هذا الحياة إلا أن نترحم على ما كنا فيه، فقد كنا ننشد في مدارسنا في طابور الصباح:

بلاد العرب أوطاني                       من الشام لبغدان

ومن نجد إلى يمن                   إلى مصر فتطوان

هذا يوم كنا نحب أن نحيا أعزة فنتغنى بماضينا، ونردد بيت أبي القاسم الشابي فنقول:

إذا الشعب يوما أراد الحياة                   فلا بد أن يستجيب القدر

وصدق الله العظيم القائل: "إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم" فهل نسعى لتغيير ما بأنفسنا حتى يغير الله ما بنا؟

اللهم هل بلغت؟ اللهم فاشهد

تلك نفثة مصدور على صفحة تملؤها السطور

الثلاثاء 30/5/2023م

 

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين