فوضى المفسبكين

 

لقد انفتح الناس اليوم على مستجدات نقلتهم من ضيق البيئة التي يعيشون فيها والأفكار التي عاشوا فيها إلى بيئة افتراضية متنوعة الأعراف، وأفق أوسع من الأفكار، وجعلت الكثير يجول في عالم افتراضي مليئ بالغث والسمين، وأتاحت هذه التقنيات المستجدة للأقران أن يتقابلوا وللضعيف أن يفصح عما في نفسه، كما أتاحت للجاهل أن يسوي نفسه بالعالم والمثقف فيدلي بدلوه معهم، بل صار لهذا العالم الافتراضي أثر في توجيه الرأي العام في قضايا سياسية كبيرة، وصار كل من يعلم ومن لا يعلم يدلي بدلوه فأصبحت  الأمور والقضايا تتداخل واختلط الحابل بالنابل.

والحقيقة فإن هذه معضلة فكرية مساوئها ومضارها أكثر من محاسنها بكثير، إذ ليس من المفيد أن يكون المشارك في العالم الأزرق الافتراضي كاتبا بالسياسة والشريعة والطب والهندسة والفيزياء والشعر واللغة والتفسير.. إلخ فلا يعقل أنه يفهم كل ذلك دفعة واحدة، ويوجه سياسات الدول ويقيم حركات الحكام ويفسر ويحلل خطابات المسؤولين من وراء شاشة كمبيوتره أو جواله، فإن مثل ذلك يؤدي إلى تشويش فكري وفوضى، وربما يكون له أثر سلبي في الرأي العام، وقد يؤدي إلى تعقيد حلول قضايا يمكن حلها بدون ضجيج المفسبكين.

إذن ما الحل؟

الحل هو أن كل واحد عليه أن يعرف حده ويتكلم بقدره واختصاصه، وبما يملك حيثياته وبما يستطيع أن يستحضر الحجة له، وأن يكتب مما هو على يقين به، ويترك الشكوك والخواطر، فليس كل ما يخطر ببالك صحيح، وليست شكوكك في موقف فلان من الناس حجة عليه لتبني حكما نهائيا فيه، كما أنه يجب أن تضبط نفسك فلا تنساق للغريزة الجماعية فتكون متابعا لهم في مواقفهم.

والعجب أن بعض الكاتبين لا يستحيي من استخدام الألفاظ الفاحشة في كتاباته وتعليقاته حتى ليخيل إليك أنك في شارع.

أخي الكريم: 

لن يحاسبك الله إن لم تكتب موقفك على الفيسبوك تجاه قضية معينة، بل سيحاسبك إن كتبت وافتريت ولم تتأكد من معلوماتك أو لم يكن لديك الحجة فيما تكتب.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين