علاقة الأمة بعلمائها

 

ركن من أهمّ أركان العلاقة بين الأمّة وعلمائها : ( البرّ والأدب ) 

ومن كلام العلماء المأثور : « العلم رحم بين أهله » ، وهذه الرحميّة التي بين أهل العلم شيوخاً وطلاباً لا تقلّ عن الرحم التي بين الأقارب وذوي الأرحام برّاً وأدباً ، ولهذا لابدّ من رعايتها والاهتمام بها ، والتربية على أداء حقّها . 

ويؤكّد ذلك ما جاء في الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : " إنّما أنا لكم مثل الوالد لولده " ، وفي لفظ : " بمنزلة الوالد ، أعلّمكم " رواه (أبو داود رقم [8] ، وابن ماجه جـ1/131 ، والدارمي جـ1/172 .

وقال النووي رحمه الله في مقدمة (تهذيب الأسماء واللغات) عن أهمية تراجم العلماء : ( إنّهم أئمّتنا وأسلافنا ، كالوالدين لنا ) .

وقال في المجموع وهو يترجم لابن سُرَيج : ( وهو أحد أجدادنا في سلسلة الفقه ) .

وقال كذلك : ( الشيوخ في العلم آباء في الدين ، ووصلة بينه وبين ربّ العالمين ، فكيف لا يقبح جهل الأنساب ، والوصلة بينه وبين ربّه الكريم الوهاب ، مع أنّه مأمور بالدعاء لهم ، وبرّهم ، والثناء عليهم ، والشكر لهم .؟! ) (مواهب الجليل جـ1/8) .

ورحم الله القائل :

أفضِّل أستاذي على فضـل والدي * * * وإن نالني من والدي المجـدُ والشرف

فهذا مُربّي الروح والروحُ جَوهَرٌ * * * وذاك مُربّي الجسم والجسمُ كالصدَف

فبين العالم والمتعلّم أبوّة دينيّة ، ولحمة شرف عليّة ، تؤيّدها الولاية النبويّة على المؤمنين ، كما قال الله تعالى : " النَّبِيُّ أَوْلَى بِالمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ " ، (سورة الأحزاب : 6) ، والعلماء لهم حظّهم من ميراث النبوّة على قدر ما يكونون عليه من العلم والعمل ، والدعوة إلى الله تعالى ، وخدمة دينه ، والشفقة على عباده . 

وقد رُويَ عن الإمام أبي حنيفة رحمه الله أنّه قال : ( ما صلّيتُ صلاة منذ مات حماد بن أبي سليمان ، ( شيخه ) إلاَّ استغفرت له مع والديَّ ، وإني لاستغفر لمن تعلّمت منه علماً ، أو علمته علماً ) . (تهذيب الأسماء واللغات للنووي جـ2/218) . 

• وقال الإمام أبو يوسف القاضي ، تلميذ الإمام أبي حنيفة رحمهما الله : ( إنّي لأدعو لأبي حنيفة قبل أبويَّ ، وسمعت أبا حنيفة رحمه الله يقول : إنّي لأدعو لحماد مع والديَّ ) . ( المصدر السابق جـ2/219) .

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين