وظيفة الرسل ورسالات السماء

خاطب الله الأرض برسالات سماوية متعددة ومتتالية، لضبط الحياة البشرية عليها، وتنظيمها، والارتقاء بها..

أما الأنبياء والرسل فهم النموذج الإنساني الأمثل والأرقى، في هذه الدنيا..

فمنذ خلق الله الإنسان، أحاطه بتوجيهاته الربانية نحو الخير، في دينه ودنياه، وربطه بذاته العليَّة، ليسمو بفكره، وعقله، ووجدانه، وسلوكه، ولتتحقق سعادته في الدنيا، ثم الفوز بالسعادة المطلقة في الآخرة..

غرس في نفسه مجموعةً من القيم السامية، من صدق، وأمانة، وعدل، وعفة، وعدم اعتداء، واحترام أملاك الآخرين، وحب الخير للناس....الخ..

وبيَّن له الحلال والحرام في الطعام، والشراب، واللباس، وفي المعاملات..

بدأت التوجيهات الإلهية مجملةً، ثم أخذ ربنا يفصلها تدريجياً، ويوسعها مع كل رسالة جديدة، بما يتناسب مع مرحلة الإنسان الحضارية، واكتملت الشريعة بمجيء آخر رسالة سماوية للعالمين، حملها رسولنا محمد - عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم- فاستحقت وحدها اسم الإسلام لوصولها مكتملة، لم تلعب بها يد الإنسان..

رسالات السماء كلها في أصل التنزيل حملت ديناً سماوياَ واحداً لا أديان متعددة، إنه الإسلام:

في: العقيدة، والعبادة، والقيم الأخلاقية.

أما الشرائع ففيها اختلافات بسيطة، فيما بينها، فكل رسالة جديدة كانت تحمل تشريعاً أوسع من التي قبلها :

"لكل جعلنا منكم شرعةً ومنهاجاً"..

فآدم - عليه السلام- أول نبي علمه ربه كلَّ ما يلزمه في حياته البسيطة..

عرَّفه أولاً : بذاته الإلهية أنه الخالق، والمدبِّر الأوحد في هذا الكون، وفرض عليه العبادة، وحذَّرهُ من إبليس، رمز الشر، والغواية، وارتقى به في شتى ميادين الحياة..

وتتابع ظهور الأنبياء والرسل من بعده...

فبين حين، وآخر، يظهر رسول يحمل رسالة الإيمان والتوحيد الى قومه، وكلما لعبت يد الإنسان في تلك الرسالة، زيادة او نقصاناً، يرسل الله رسولاً آخر ليصحح ما شوه الإنسان في دينه.. فتعددتِ الرسل والرسالات، والدين واحد هو الإسلام كما أخبرنا ربنا في قرآنه الكريم : (إن الدين عند الله الإسلام)..

وهكذا إلى ظهور محمد - عليه أفضل الصلاة، وأتم التسليم - خاتم الرسل والرسالات، فكانت رسالته للبشرية جمعاء لأنها الأشمل والأكمل، وصلت إلى أتباعها مكتوبةً بين يدي الرسول صلى الله عليه وسلم.. فلا مجال للعبث فيها.

وقد تعهدها الله بالحفظ :  "إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون "

فلولا رسالات السماء التي ساهمت كثيراً في تهذيب الإنسان، وفي الارتقاء بفكره ووجدانه، وسلوكه لكانت الحياة البشرية في غابةً من الوحوش البشرية، بل كانت شبه مستحيلة على الأرض، بل لا تستمر طويلا ً، وإنما تنقرض بعد حين، ولعاش الإنسان، كلُّ إنسان، يتسابق مع غيره في ارتكاب جرائم كل يوم، بحسب قوته وقدرته في التغلب على غيره، ويأكل بعضه بعضاً، كالحيوانات المفترسة في الغابات، لان النفس أمارة بالسوء، ولكن رسالات السماء هذَّبت، وحذَّرت، ووجهت..

فكل القوانين الناظمة للخير، وكل القيم الأخلاقية الراقية في هذه الدنيا، قديماً وحديثاً، مصدرُها رسالات السماء، شاء العلمانيون، واللادينيون أم أبَوا..

إن وجود الأنبياء والمرسلين أقدم بكثير من ظهور الفلاسفة والمصلحين، وأساتذة الأخلاق والقيم النبيلة..

أول إنسان, وأول نبي هو آدم عليه السلام، نزل الأرض ومعه مجموعة من القيم الأخلاقية..

فمن أسبق من آدم عليه السلام...؟!

لا أحد...

فقد كرّم الله الإنسان بهذه الرسالات، التي ربطته بخالق عظيم، ليستمدَ منه الرفعة والسمو، فهنيئاً لمن عرف قيمةَ الدين، ودوره العظيم، في السمو والارتقاء، بحياة الفرد، والجماعة، والأمة، والإنسانية..

وطوبى لمن أدرك ذلك، ففهم، ووعى، وارتقى، والتزم، واتَّقى..!

وتعساً لمن حارب الدين، والإيمان، بافتراءاته، مُدَّعياً الرُّقيَّ، والتحضرَ، والمعاصرةَ، والتجديدَ..

فلا تصدقوا يا إخوتي-أن هناك حياةً أرقى وأمتعَ، وأرضى من حياةِ متدينٍ واعٍ مُلتزم صادقٍ في التزامه..

وفي ذلك فليتنافس المتنافسون..

 

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين